آه .. يا كربلاء .. آه
د. منذر العذاري
ألقيت نظرة على جدول ترتيب فرق الدوري الممتاز بعد انتهاء منافسات الجولة السادسة فسائني أن أرى نادي كربلاء يحتل المركز الأخير بعد خسارته في جميع مبارياته الماضية وقد دخلت مرماه ثلاثة عشرة كرة ولم يسجل سوى هدفا واحدا .
إنه لأمر غريب أن يتقهقر نادي كربلاء إلى هذه المرتبة المتأخرة التي لا تسر عدوا ولا صديقا دون أن ترمش لمسؤولي المحافظة عينا ويبادروا لمد يد العون له ، فمشكلة كربلاء هي ذاتها التي عانت وتعاني منها فرق الأندية الأهلية غير التابعة للمؤسسات الحكومية مثل الديوانية والسماوة وسامراء والرمادي وديالى ، ألا وهي ضيق ذات اليد وقلة الموارد المالية وخواء الميزانية مقارنة مع ما تحتاجه من أموال طائلة كعقود للاعبين ورواتب ومكافآت وتجهيزات رياضية ومصاريف سفر وإسكان وإطعام وغيرها , إذا ما علمنا بأن ما تقدمه مجالس المحافظات من دعم لا يغني ولا يسمن .
الحكومات المحلية تتذرع بأن ميزانية المحافظة - أي محافظة - تأتي من الموازنة الاستثمارية لتنمية الأقاليم التي تتركز على تمويل البنى التحتية في مجال الخدمات المختلفة والرياضة ليست منها ، وإن التعليمات تمنع منح الأموال للأندية الرياضية ، وهذه الحكومات لديها أولويات والرياضة قد تكون في أخر سلم أولوياتها فتوفير الكهرباء والماء والعلاج والخدمات البلدية وشبكات المجاري والطرق والأمن كلها مقدمة على الرياضة بنظر المسؤولين في المحافظات ، وهذا الكلام بالتأكيد لا يخص محافظة كربلاء المقدسة وحدها بل يشمل جميع المحافظات الأخرى عدا إقليم شمال العراق الذي يعد حالة خاصة في البلد , وهذا معناه توقف الدعم المقدم من مجالس المحافظات والحكومات المحلية للأندية الرياضية الأهلية التي تمثل تلك المحافظات , مما سيؤدي إلى كارثة حقيقية ستحل بهذه الأندية التي تحتاج إلى مليارات الدنانير كعقود ورواتب للاعبين ومصاريف النقل والإطعام والإسكان عند اللعب في المحافظات الأخرى خاصة وإن الفرق المشاركة تمتد على طول مساحة العراق من زاخو إلى البصرة .
لقد خصصت وزارات الدولة مثل الداخلية والنفط والنقل ميزانيات ضخمة للفرق التابعة لها حتى وصلت عقود بعض اللاعبين إلى 400 مليون دينار , فمن أين تأتي فرق الأندية الأهلية ومنها كربلاء بمثل هذه الأموال لجلب اللاعبين المتميزين لصفوفها ومقارعة الفرق ( الغنية ) ، وإذا كان البعض يدعو للاعتماد على الوجوه الشابة من أبناء المحافظة , فما الذي يستطيع هؤلاء الشباب تحقيقه أمام فرق مدججة بالنجوم والمحترفين العرب والأجانب ؟! .
لم تقف مشكلة كربلاء عند شحة الدعم المادي لحكومة المحافظة المحلية ، فقد جاءت وزارة الشباب والرياضة لتوجه ( ضربة قاضية ) للنادي بإصرارها على تأجير الملعب الدولي للنادي لقاء مبلغ 50 مليون دينار مع ذهاب واردات المباريات لخزينة وزارة الشباب والرياضة بعد أن كان الجميع ينتظر أن تبادر الوزارة لدعم النادي ماديا .
إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن فإننا لن نرى أي فريقا يمثل المحافظات في منافسات الدوري وستعود بطولة الدوري العراقي حكرا على فرق المؤسسات كما كان الحال في الستينات , وهذا ما يتطلب وقفة جادة من الحومة العراقية الموقرة لإنقاذ فرق أندية المحافظات من هذا المأزق ووضع أبواب صرف خاصة بها ضمن ميزانية المحافظة للسنوات القليلة المقبلة مع وضع خطة خمسية للنهوض بهذه الأندية من خلال مشاريع الاستثمار والسعي لتحويل هذه الأندية إلى شركات من خلال تشجيع التجار وأصحاب رؤوس الأموال للمساهمة في إدارتها لكي لا تبقى قطاعات استهلاكية كما هو حالها اليوم , وبغير ذلك فلنقرأ على رياضة المحافظات السلام .