اطباء يتوصلون الى دواء جديد للسيطرة على السكري
المشهد العراقي / متابعة
يعد داء السكري والبدانة من أكبر معضلتين صحيتين تعاني منهما البشرية في شتى أرجاء المعمورة، فيبلغ تعداد من يعانون منهما معا في العالم وفقا لآخر الإحصائيات ما يقارب 63 مليون شخص.
ويصنف الأطباء داء السكري لنوعين رئيسيين، النوع الأول يبدأ غالبا في مرحلة مبكرة من عمر الشخص وفي حالات قليلة قد يظهر متأخرا. والسبب الرئيسي هو خلل في خلايا «بيتا» في جزر لانجرهانز، ما يؤدي إلى نقص في كمية الإنسولين المنتجة.
اما النوع الثاني: غالبا ما يبدأ في مرحلة متوسطة إلى متأخرة من عمر الشخص، وفي حالات قليلة قد يبدأ في عمر مبكر أو يصاحب النوع الأول.
وهناك عوامل كثيرة للإصابة بالسكري، منها الوراثية والبيئية وغير ذلك، ما يساهم في الإصابة بداء السكري وتطوراته المرضية. وتعد البدانة من أكثر العوامل تأثيرا، بل قد تكون ملازمة للإصابة بالنوع الثاني من السكري.
وخاض العلماء سباقا للسيطرة على هذين المرضين ابتداء من العقاقير المختلفة وأنواع الإنسولين الحديثة، إلا أن تأثيرات هذه الوسائل العلاجية ما زالت غير مرضية ولا تخلوا من بعض المضاعفات.
لقد توجه الأطباء المعالجون والباحثون إلى إيجاد حلول أخرى للسيطرة على داء السكري والبدانة، فكان ظهور عهد «جراحة المعدة»، التي كانت تحمل كما هو الحال مع بقية الإجراءات الجراحية، مضاعفات خطيرة، بالإضافة إلى ما يتطلبه مثل ذلك الإجراء من التنويم والبقاء في المستشفى لعدة أيام، خلافا لما تنطوي عليه تلك العمليات الجراحية من إحداث تغييرات في المعدة لا رجعة فيها, ومن تلك الطرق الجراحية ابتكار عمليات التكميم للمعدة وتغيير المسار وبالذات التي يتم فيها تهميش الإثنى عشر, وقد كان لنتائج هذه العمليات مضاعفات وصلت إلى الوفيات في بعض الحالات.
وكان لا بد أن يأتي العلم بما يجمع بين النتائج المرضية وتقليص المضاعفات، فكان وليد ذلك فكرة تقنية “الحاجب المعوي” (EndoBarrier) وهي تدخل غير جراحي تجمع بين النتائج المرضية لعملية تغيير المسار وتتلافى المضاعفات التي قد تصاحبها، ظهرت في ألمانيا ومن ثم تم اعتمادها في أوروبا كلها.
وأوضح الدكتور سالم بازرعة، استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد والمناظير العلاجية, إن “الهدف من هذه التقنية الجديدة هو علاج داء السكري من النوع الثاني، وأيضا علاج البدانة في آن واحد، وأن ما يميز هذه التقنية أنها آمنة تماما، كونها تتم من دون تدخل جراحي، وبنسب نجاح عالية جدا، وتكاد تكون آثارها الجانبية منعدمة, مما أعطى بارقة أمل جديد لمرضى السكري والبدانة”.
وأشار إلى أن “هذه التقنية الجديدة إندوبارير (EndoBarrier) هي عبارة عن أنبوب مصنوع من مادة ليفية خاصة جدا تتأقلم مع مكونات الجسم لا تتفاعل مع أحشاء الجسم ولا عصارة الجهاز الهضمي ولا تحتوي على أي عقاقير. ويتم إدخاله عن طريق المنظار الفمي المعدي، من غير أي عملية جراحية، ليغلف تجويف أول 60 سم من الأمعاء، وبهذا يتم تهميش الإثنى عشر مماثلا لما يتم في عملية تغيير المسار، ولكن من دون أي تدخل جراحي، خلال إجراء يستغرق نصف ساعة”.
ويعمل «إندوبارير» على عزل الأكل عن ملامسة خلايا الجزء العلوي من الأمعاء، وبالتالي لا يصبح هناك امتزاج بين العصارة المعدية الهاضمة والأكل، لذا لن يتم امتصاص الدهون والسكريات، وبالتالي يساعد الأنبوب على إنقاص الوزن أو إعادة ترتيب مستقبلات الإنسولين، ويساهم في تحسين معدل السكر في الدم. وبعد سنة يتم إزالة الأنبوب بعد أن يكون قد أدى نتائجه, ومن المتوقع أن تكون الفترة الزمنية لإعادة معدل السكر إلى الوضع الطبيعي بعد 3 شهور، وبالتالي يعود الجسم إلى وضعه الطبيعي, وعليه فيعد الـ«إندوبارير» أحد الطرق المثلى والناجحة للتخلص من البدانة.
من جانبه، أوضح استشاري الأمراض الباطنية الدكتور مازن سليمان فقيه،أنه “نظرا لما يترتب على البدانة من أمراض أهمها السكري الذي يعاني ربع سكان المملكة منه والبدانة المنتشرة بنسبة 70 في المئة، كان علينا، كمقدمي خدمات صحية، مسؤولية مهمة تتمثل في استقطاب أحدث التقنيات التي تصلح هذه المشكلة، وهي تقنية «EndoBarrier» التي تعد بالفعل أحدث وأهم تطور في علاج السكري والسمنة معا”.
وأكد أن “هذا يعتبر تحولا طبيا في علاج المرض الأكثر شيوعا في العالم، وهو البدانة، فضلا عن كونه أداة فعالة جدا في الوقاية أولا من مرض السكري، وكذلك في علاج السكري من النوع الثاني من غير أي تدخل جراحي أو أدوية، بل من خلال تقنية غير جراحية لا تستغرق سوى نصف ساعة”.