اهم ما كشفته التظاهرات الايرانية
محمد صادق الهاشمي
1- ان رفع المتظاهرين الايرانيين لشعار ( الشاه والمطالبة بعودة النظام الشاهنشاهي) و(الترحم عليه) دليلا على مايلي :
أ- ان امريكا لاتمتلك اي رصيد قيادي داخل ايران يمكن ان تطرحه بديلا قياديا عن قادة الجمهورية الاسلامية, فلو كانت لديها شخصيات ايرانية مرتبطة بها و وطنية مقبولة لدى الراي العام الايراني لدفعت بها الى الواجهة ,ولروجت لها وجعلت الاعلام الغربي والعربي يطرح هذه الاسماء وينفخ فيها ولدعت تلك الشخصيات الى ان تصرح او تروج لمشروعها .
ب- ان امريكا لا تثق بما يقال :ان ايران فيها اجنحة (المعتدلين والاصلاحيين) , وهم اقرب اليها من الاجنحة الاخري ( المحافظين ), فكل هذه الاطراف اليوم من وجهة نظر امريكا وبما كشفته الاحداث الاخيرة في ايران انها تقف في جبهة واحدة ضد امريكا , و جبهة الدعم للنظام السياسي الايراني، وهذا ما كشفته تصريحات مختلف المسووليين الايرانيين ضد الولايات المتحدة الامريكية , وما دلت عليه الشعارات التي حملتها الجهات المندسة ضد الجميع، والتي نادت وطالبت بالعودة الى الشاه ( الحليف الامريكي القديم )، اذن امريكا لايوجد لها حليف داخل إيران، لذا عادت لطرح أوراقها البالية التي عفى عليها الزمن وبعودتها إلى الملكية سقط زيف دعواتها نحو الديمقراطية .
ت- وبالتالي آن هذه الاحداث وحدت الخطوط الايرانية في خط واحد, خط المواجهة والعداء لامريكا والدفاع عن النظام السياسي الايراني , وان كانت مختلفة في التفاصيل الداخلية عن طبيعة ادارة الحكومة وليس في طبيعة الحكم السياسي الاسلامي .
2- كشفت الاحداث بوضوح ان خط (الاصلاحيين) في ايران ورويتهم وطبيعة منهجهم السياسي والاداري لايخلوا من اشكال واخطاء بعدما كانوا ينحون باللائمة على الخط المحافظ ويحملونه المسوولية في العديد من الامور, فلا يستطيع الرئيس روحاني ان ينفي تلك الحقيقة وهي حصول الاخفاقات في منهجه وسياسته المالية والتي ادت الى نزول البعض الى الشارع ؛ لانه لم يلامس حاجة المواطن الايراني فلايمكنه ان يلقي باللوم على غيره وهو يدير اعلى جهاز تنفيذي في البلاد , وبهذا انتهت وفشلت وثبت بنحو قاطع فشل الاصلاحيين وثورتهم ( الخضراء او البنفسجية او المخملية )؛ لان هكذا ثغرة فتحت في زمنهم, وايضا فشلوا في الايديولوجية التي كانوا يبلغون بها بامكانية التفاهم مع امريكا وفق سياسة (براغماتية ) قادرة على ان تنهي العداء الامريكي لايران, وليس ادل تصريحات ترامب من ايران ومن نظامها السياسي وكل مسوليها .
3- كشفت الاحداث الروح الابوية العالية التي تعامل بها الامام الخامنئي في عدم اعطائه الاذن بضرب المتظاهرين ,فضلا عن قوة النظام السياسي الايراني الذي لم يعد هناك اي امكانية لاحداث الخرق فيه، وكشفت ان الشعب الايراني موحدا وان قادته يقفون وقت المحنة صفا واحدا، ضد عدوهم امريكا، ومن خلال تصريحات ترامب جعلتهم في خانة واحدة ودفعتهم الى ان يكونوا صفا ضد العدو الامريكي، وبهذا تعمقت الهوة بين امريكا وجميع الخطوط الايرانية السياسية والحكومية .
4- كشفت هذه الاحداث ايضا ان هناك قوة اقليمة ودولية تجلت بوضوح من خلال الموقف الروسي والتركي المدافع عن ايران ضد الموقف الامريكي والسعودي , وهذا الترابط الاقليمي والدولي(ايران , تركيا روسيا , وسورية) يمنح ايران الفرصة لتلعب دورا مهما في ظل الترابط الوثيق في المحور الجديد في حماية المنطقة وحماية مصالحها، ضد المشروع الامريكي.
والعراق مدعوا اليوم ان يستظل بظل هذه القوة المهمة في المنطقة.
5- الشعارات التي رفعت ( لاغزة ولا سورية) تبين لشعوب المنطقة ان ايران تتحمل مسولية عالية و مشرفة؛ لاجل النهوض بالمسلمين والدفاع عنهم وحمايتهم من التهديدات الأمريكية، التي تريد اعادة انتاج وتفعيل مشروعها في الاستيلاء على ثروات ومصالح ومصير المسلمين واذلالهم, مما جعل المخابرات الامريكية تدفع بعملائها في ايران لرفع هذه الشعارات؛ لتفكك بين ايران ومشروعها الحامي والمدافع عن المسلمين، وتوفر ظروفا تدفع وتضطر ايران ان تتخلى عن المنطقة وتترك المحتل الامريكي يتلاعب بمصائرهم.
6- تبين من خلال تلك الاحداث العابرة ان ايران تجاوزت مرحلة الثورة وهي تمازج بين الفكر الثوري وفكر الدولة من خلال سعيها الحثيث الى ارساء القوة الحضارية وهذا تبين من خلال قوة المنجز الكبير للموسسات الايرانية في كل المجالات الاقتصادية، والامنية، والتعليمية، والتنموية، بما فيها القطاع الصناعي والزراعي ,وهذا ما عكسه الاعلام الايراني العميق في الحديث عن منجزات الدولة الايرانية في تلك المجالات كخطاب للجمهور حتى يحافظ على دولته ضد المتلاعبين والمغرربهم، فضلا عن عموم الجمهور الايراني, وهذا السبب الذي دفع بالجماهير ان تنزل الى الشارع بتظاهرات مليونية مويدة لل((دولة والمنهج)).
7- الشعار الذي رفعه البعض من المندسين ((لا لغزة )) تبين انه مطلب اسرائيلي يهدف؛ إلى تحريك العواطف المذهبية للجمهور الشيعي الايراني ضد الفلسطينيين باعتبارهم ((سنة )), ليضغطوا على ايران من خلال تحريك الطائفية , مع هذا ايران لم تتنازل، لكن على الاخرين ان يدركوا حجم ايمان الدولة الايرانية بمصير المسلمين, وكم تحملت لاجلهم , وكم هي الموامرات التي تحاك ضدها لانها تناصرهم من دون التفريق لديها بين الشيعة والسنة .
8- كشفت الاحداث هشاشة المخططات الامريكية وضعفها وبالتالي فشلها , وتبين انها لم تعرف عمق الدولة العميقة في ايران المحمية والمتحصنة ب( المرجعيات, والحوزة العلمية, والامة والموسسات والرصيد الشعبي ) فسرعان ما تبين فشلها بعدما تبين انها لاتمتلك ادوات مهمة ولا قاعدة شعبية في ايران لضرب الداخل الايراني الا عصابات شاذة مرفوضة من الشعب الايراني , وبهذا خرجت ايران امام العالم قوية اكثر من اي وقت مضى, وكان المراقبون يتصورون في الايام الاولى للاحداث ان تيارا جديدا ظهر في الحياة السياسية لايران يقابل الخط السياسي العام بكل تضاريسه، الا ان الايام كشفت بنحو سريع :ان هذا التيار ما هو الا نفر قليل مندس في اوساط الجمهور ولاقيمة له وهو مرتبط بالغرب ولا يمثل روية سياسية في ايران, واما التيار الواسع فهو تيارالشعب الايراني المنتمي الى النظام السياسي، حتى المتظاهرون منهم.
و بهذا سوف لن تتخلى ايران عن ثوابتها في دعم المسلمين والدفاع عنهم , ولاتوجد اي ظروف تفرض على ايران ان تنكفي على الداخل امام النفر القليل، بل الموكد ان ايران توحدت وسوف تمضي بقوة اكبر من اي وقت مضي لدعم المسلمين في المنطقة، والوقوف بوجه المشروع الامريكي.
وهذه هي ايران تتحدى وتمازج بين (الثورة والدولة والحضارة)
نعم ان حكومة ايران بحاجة ماسة ان تضع برنامجا خدميا ينعش الاقتصاد الايراني ويهتم بتحسين الوضع المعاشي للمواطن الايراني, وهذا امر لايعني للدولة الايرانية واي دولة الا القوة والاستمرار . انتهى