الملكة الخاسرة
المشهد العراقي – ياسين حمادي الكرغولي
مااشبه الليلة بالبارحة وهل التاريخ يعيد نفسه ؟ أنها الحضر المدينة التاريخية .آثارها شواهد على أولئك الرجال الذين شيدوا حضارة عمرها آلاف السنين تتكلم بصمت، لتحكي لنا قصص وعبر عن ماضي جميل وقوة خارقة عن قدرة العراقيين البناة الذين شيدوها على اطراف الصحراء دمرت اسوارها : على يد كسرى سابور ذو الأكتاف عندماغزا الساطرون ملك الحضر فحصره سنتين . وذلك لأنه كان أغار على بلاد سابور في غيبته بأرض العراق فأشرفت بنت الساطرون - وكان اسمها : النضيرة - فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج ، وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ وكان جميلا فدست إليه : أتتزوجني إن فتحت لك باب الحضر ؟ فقال : نعم فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر وكان لا يبيت إلا سكران فأخذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه ، وبعثت بها مع مولى لها ففتح الباب ، ويقال : بل دلتهم على نهر يدخل منه الماء متسع فولجوا منه إلى الحضر ، ويقال : بل دلتهم على طلسم كان في الحضر وكان في علمهم أنه لا يفتح فانفتح الباب فدخل سابور فقتل ساطرون ، واستباح الحضر ، وخربه ، وسار بها معه فتزوجها فبينا هي نائمة على فراشها ليلا إذ جعلت تململ لا تنام فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد عليه ورقة آس فقال لها سابور : أهذا الذي أسهرك ؟ قالت : نعم قال : فما كان أبوك يصنع بك ؟ قالت : كان يفرش لي الديباج ، ويلبسني الحرير ، ويطعمني المخ ، ويسقيني الخمر قال : أفكان جزاء أبيك ما صنعت به .أنت إلي بذلك أسرع ، ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس ، ثم ركض الفرس حتى قتلها وهذا جزاء كل خائن .ودمرت آثارها في العصر الحديث على يد قوى الظلام فخربت آثارها ..فمهما حدث لها ستبقى شاهدا على إبداع أولئك الرجال الذين صنعوا مجدا عجز عن صنعه أعداء العراق مهما بلغوا من قوة