قبل ان تحط صحافة الموت رحالها
المشهد العراقي /داود الشمري
قبل ان يختم عبد الله سعد دراسته في جامعة بغداد – كلية الاعلام تحديدا في قسم الصحافة، اخذ يفكر بان يكون احد قباطنة الاعلام العراقي المقروء ويحقق احلامه بناءً على الحب والانسانية والخلق الرفيع ليضرب بذلك مثلا للانسان الواعي المثقف المحب للعلم المجتهد في عمله ودراسته.
بدأ عبد الله سعد ذو 27 عاما، حياته في العاصمة بغداد، درس وتتلمذ على يد عمالقة الاعلام العراقي، امثال الدكتور هاشم حسن والدكتور كاظم المقدادي والدكتور نبيل جاسم والدكتور عبد المنعم الشمري والدكتورة نزهت الدليمي واخررون، تعلم منهم فنون الصحافة واطلع على دهاليز عملها، ولملم بذلك عقلة الذي تبعثر في ايام عصيبة ابان حرب اكلت منه ما لم يؤكل، ورمته على جرف جزيرة فيها العدو والصديق والمجرم والحبيب.
انتهت سنين الدراسة التي اثقلت المصائب كاهل عبد الله، ليتنفس بذلك الصعداء منتقلا من العالم الاكاديمي الى العالم العملي، وبدأ بتنفيذ مراحل احلامه الوردية، واخذ يعمل في الوسط الصحفي وركز بذلك على التغطيات الاخبارية وتنقل ما بين محافظات العراق لينجز واجباته المهنية التي يُكلف بها من اصحاب المؤسسات المريضة ماديا، فتطرق الى الكثير من القضايا في البلد ووضع لها الحلول وساهم في عرضها على المسؤولين في مؤسسات الدولة بغية منه ان يكون حلها سريعا، ألا ان الرد جاء ..
قبل ان نعرض الرد على مسامعكم الكريمة ، دعونا نتطرق الى الاحصائيات التي رصدتها منظمات المجتمع المدني المختصة في مجال الصحافة، فان العراق سجل أعلى نسبة استهداف للصحفيين في المنطقة منذ تغيير النظام السابق عام 2003 وحتى تشرين الثاني 2015، حيث سجل بحسب توثيق السومرية نيوز وتقارير مرصد الحريات الصحفية (JFO) مقتل 309 صحفيين، كانت لبغداد الحصة الاكبر منها، بعد مقتل 195 صحفياً تليها الموصل التي سجلت مقتل 60 صحفياً تليها الانبار فصلاح الدين واربيل ثم ديالى، في الوقت الذي سجل عامي 2014-2015 مقتل وجرح واختطاف 116 صحفياً منذ سيطرة داعش المتشدد على عدد من مدن البلاد، حيث اعدم منهم 20 صحافياً في الموصل على يد داعش، فيما قتل 13 منهم اثاء تغطيتهم للمعارك.
كان عبد الله الصحفي الشاب احد هؤلاء الصحفيين الذين تم تهديدهم بترك العمل والبلد والا سيكون مصيره ذلك المصير الذي لحق بـ309 صحفيا قتلوا سابقا، ليحقق الارهاب بهذا هدفه واعماله المشؤمه بابعاد الكفاءات الصحفية والاكاديمية عن بلاد الرافدين، فانظم (عبد الله) الى سرب المهاجرين عبر طرق الموت الموحشة متخطيا قارات العالم ودولها تاركا تلك الاحلام التي تغنا بها وافتخر، حتى قطن المانيا الاوربية وطلب اللجوء اليها.
المئات من الصحفيين في العراق تنتظرهم (صحافة الموت) او تجعل طريقهم ذلك الطريق الموحش الذي سار به عبد الله، الا اذا قام المسؤولين بوضع حلول جذرية للحفاظ على حياة الصحفي، ولعلى اقرار قانون حماية الصحفيين افضل تلك الحلول
عرض التعليقات (2 تعليق)







